«النرويجي للاجئين»: «الفقاعات الإنسانية» الإسرائيلية قد تكون مصيدة للفلسطينيين
«النرويجي للاجئين»: «الفقاعات الإنسانية» الإسرائيلية قد تكون مصيدة للفلسطينيين
حذّر المجلس النرويجي للاجئين من أن المقترحات الإسرائيلية لإقامة "فقاعات إنسانية" في غزة قد تشكل مصيدة عسكرية تهدد حياة الفلسطينيين، إذ من المرجح أن تتحول هذه الفقاعات إلى مناطق مغلقة تحت السيطرة العسكرية، ما يقيد حرية المدنيين الفلسطينيين ويحول دون وصولهم للمساعدات الإنسانية.
وأبدى المجلس قلقه، في بيان له اليوم الخميس، من أن هذه المناطق ستكون بمثابة مناطق احتجاز جماعي تحت الحصار، وهو ما يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني والمبادئ التي تكفل حماية المدنيين.
وأشار البيان إلى أنه بعد مرور 13 شهرًا من العنف المتواصل فقد الفلسطينيون في غزة كل شيء، وتعرضت المنطقة لدمار غير مسبوق، الأمر الذي استدعى زيارة الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، يان إيغلاند، هذا الأسبوع.
دمار لا يمكن تخيله
قال إيغلاند بعد معاينته الدمار في مدينة غزة والمناطق الحضرية في شمال ووسط القطاع: “الدمار الذي رأيته هذا الأسبوع في غزة أسوأ مما يمكن تخيله، حتى بالنسبة لي كعامل إغاثة ذي خبرة طويلة.. في شمال غزة، شاهدت شعبًا تجاوز نقطة الانهيار، عائلات ممزقة، رجالاً وفتياناً معتقلين، وعائلات عاجزة عن دفن موتاها".
وأشار إيغلاند إلى أن “ما تفعله إسرائيل هنا، باستخدام الأسلحة التي توفرها دول غربية، هو جعل منطقة مكتظة بالسكان غير صالحة للسكن لما يقرب من مليوني مدني.. لا يمكن تبرير هذا التدمير المتعمد للحياة في غزة.. وما نراه اليوم ليس ردًا قانونيًا أو دفاعًا عن النفس، بل هو انتهاك للقانون الدولي، وتدمير للبنية التحتية لقطاع بكامله".
تهديد مستمر للحياة في غزة
وفي الوقت الذي يعاني فيه الفلسطينيون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، حيث إن 91% من سكان غزة يعانون من نقص حاد في الغذاء، فإن 16% منهم يواجهون مستويات كارثية من المجاعة.
وأكد إيغلاند أن الوضع في غزة يزداد سوءًا يوما بعد يوم، مع تفشي الأزمات الصحية، والجوع، والمياه الملوثة، ما يجعل الظروف الإنسانية في المنطقة أقرب إلى المأساة.
وقال: "العائلات التي تحدثت معها، من أرامل وأطفال، يتحملون معاناة لا يمكن تصورها، ومع استمرار الحرب والتدمير، لا يمكن تبرير المزيد من القتل والتدمير".
وأكد إيغلاند أنه لا يوجد أي مكان آمن للمدنيين في غزة، وما زالت العائلات الفلسطينية تُجبر على الانتقال من منطقة إلى أخرى بحثًا عن الأمان، فيما تواصل إسرائيل فرض أوامر إخلاء على أكثر من 62 منطقة، تهدف إلى حصر الفلسطينيين في 20% فقط من مساحة القطاع دون ضمانات للأمان أو العودة إلى منازلهم، وهذا يشكل نوعًا من النقل القسري، وهو انتهاك خطير للقانون الدولي، خصوصًا اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر نقل المدنيين بالقوة.
وقف إطلاق النار
ومع حلول فصل الشتاء، يزداد الوضع سوءًا بالنسبة للمشردين في غزة، يواجه نحو مليوني شخص في القطاع صعوبة في الحصول على الغذاء والأدوية الأساسية، بينما يعاني العديد من السكان من نقص حاد في المأوى.
وأشار إيغلاند إلى أن معظم الأسر في غزة لا تملك خيمة أو حتى غطاء بلاستيكياً لحماية أنفسهم من البرد، وأضاف: “لم نشهد منذ بداية الحرب تدفقًا كافيًا للمساعدات الإنسانية.. أعداد ضخمة من الناس في غزة بحاجة ماسة إلى المساعدة، ولكن الوصول إلى المساعدات أمر بالغ الصعوبة".
وتابع قائلاً: "في شمال غزة، يوجد نحو 100 ألف شخص معزولون تمامًا عن المساعدات الإنسانية.. وقد أدانت الأمم المتحدة هذا التدخل غير القانوني في قوافل الإغاثة، ما يزيد من معاناة المدنيين"، وأكد أن الحل الوحيد للأزمة هو وقف فوري لإطلاق النار، والإفراج عن المعتقلين، وبدء عملية سلام حقيقية تضمن حقوق الفلسطينيين.
السيطرة على مناطق الإغاثة
وبينما يواصل المجلس النرويجي للاجئين دعوته إلى المساعدة الإنسانية الفورية، فقد أبدى مخاوفه من أن تقوم إسرائيل بإنشاء "فقاعات إنسانية" في غزة، والتي تهدف إلى عزل الفلسطينيين في مناطق تحت السيطرة العسكرية.
وتستدعي هذه الفقاعات، التي يُفترض أن تقدم مساعدات إنسانية، شكوكًا كبيرة بين العاملين في المجال الإنساني بشأن نية إسرائيل في استخدامها كمناطق للسيطرة العسكرية على الفلسطينيين، حيث يمكن أن تُفرض فيها قيود شديدة على حرية الحركة.
وقال إيغلاند في هذا السياق: “هذه الفقاعات قد تصبح مناطق عسكرية مخصصة لاحتجاز الفلسطينيين، حيث يتم السيطرة على تدفق المساعدات وحرية التنقل، ما يعيق الوصول إلى المساعدات الإنسانية ويحول دون توفير الحماية للمدنيين".
وشدد إيغلاند على ضرورة أن يتخذ القادة في جميع أنحاء العالم خطوات حاسمة لإنهاء معاناة الفلسطينيين في غزة، وأكد أن المعاناة في القطاع قد تفاقمت بشكل خطير منذ فبراير الماضي، حين زار غزة لأول مرة، مطالبًا بوقف فوري لإطلاق النار وبدء مفاوضات حقيقية للسلام.
وأضاف: "القادة في كل مكان يجب أن يدركوا أن الوضع في غزة لا يمكن أن يستمر، وما يحدث هناك هو جريمة إنسانية بحق ملايين الأبرياء".